الجمعة، 8 يوليو 2016

ليل المسافة !











 أشرع  أبواب قلبي لنوافذ الريح ، وسقف السماء يحتفي فوقي ، تتساقط دموعه مطرا يغدق على جبيني ندى يتقاطر قصائد لقاء ، وعناقيد تتدلى من ثقل الشوق والحنين ، كلمات وكلمات ، تتكدس في باحة خاطري ، فيما هسيس الشعر يهمس لروحي الضائعة بين أكوام الملح : تعالي حافية ، اخلعي نعليك ، واكشفي عن ساقيك ، وادخلي الصرح آمنة  من بوح الخاطر ، اختزلي الكلم ، واجمعي أعواد ثقاب المعنى ، في حزمة نثر
ثم أنثري الحب شعراً ، يتساقط على شين الشعور تراتيل جنية ، تحمل عين القلب إلى باحات كانت مقفلة من قبل أن تقودها راء الريان إلى رحلة الهوس المجنون والشوق المخبول بترانيم البوح ....

يدور بي الوقت ، وقلبي يرنو للنوافذ العالقة على جبين الانتظار ،  عقرب الساعة في المدار يأكل  ما تسنى له من لحظات  ، منذ أن بقيت وحيدة بدونك و أنا أسامر القمر ، أتذكر بياض روحك ، وشجرة اللوز ، وكيف كنت تزرعني في كفك حقول قمح ، وتحصدني من قلبك ابتسامات فرح تلوح على محياك  ظاهرة  كونية ،  تستعيد الحياة  الغائبة من  ثقل الوجود ، كيف أستحلتُ وقتها  قصائد في عينيك ؟ ، وغابات زهر تعرشت في وجدك ؟، فأزهرت بوحا من عسل شفتيك .

معبأ هذا الليل بقناديل السهر ، يترك وجنتيِّ الريح ، وينداح إلى جبين السماء ، يرسل قبلاته المضيئة للأرواح التي تلتمس دفء الحكايا ، وكفِّ السهر ، ويرشق نبال النور فوق شفاه الهمس ، ليتسرب هسيس حديثها الآتي من دعة السكون ، إلى دفق القلوب المشتاقة .

تلهمني عيون الليل بسوادها الفاحم ، فأقرر أن أتسحب إلى طيفك الآني ، أنغمس في شذرات مجتمعة من جمل فاح عبيرها عطرا رائجاً ، فلمعت  في الوجد كسنا بارقك المتبسم  ـ  أردتني قتيلة ولم يحن بعد موعد الرحيل ، يسرقني غموضك ، وسحر  وجهك إلى واحات ضياع ، سادرة في تيه المسافة ، تحمل الأثير موجة حارة ، كموسمٍ غارق في نسغ الصيف ، غائر في عمق جراحه ، يروم رحم الغيم ، ويأبى الغيم إلا يشد الترحال لرحلة بلل موغلة الاشتياق ، مفعمة بالشوق والدفء حتى كاد الشتاء  أن يلفظ  روحه توقا إليك .

  سأكتب أشواقي إليك ، بالحبر على وجه الماء ، على ورق يمنح للبياض حقوق الكلمات ، على لحاء شجرة صامدة أمام رقة  فراشة تشهد تحورات جسدها ، على صفحة تجردت من أوامر السطر ، حتى أتهجأ أبجديتي العرجاء إليك ، ويكفُّ الصمت عن شراسته الأليفة مع هدوئي ،  يخلي سبيل وجهي من حرقة الشعر في قلبي ، ثم يتسرب كالماء لدمي ، يروي عطشي المتشرب من لعنات الغياب ، ولغة  العتاب ، و يباس الجفوة ، ويقيني الجاهل بتحورات الزمن ، ومزاجيــة عقرب التوقيت ، وتلاعب الحظ بمفاجآت المجيء وعدمه .

اترك لي باحة عارية من مخاوفي ، أزرع فيها حقول الياسمين والجوري ، أجوس بين التوق والشوق على مقصلة الحنين ، أشنق إحساسي ليتدلى على حبل المسافة ، ويترنح كما قتيل أرداه سهم الرحيل ......




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق