الثلاثاء، 23 أغسطس 2016

حتى لا تنطفيء عيون الحياة








خد الليل أسيلُ، ونهد قصائدي نافر، يعربد في وحشية، يكتنزُ شهيق الكلمات على غير هدى، يختزل تذمره في احتقانات مُندسة بين دهاليز نصوصي، كلما كتبتُ حرفاً، سكبتُ قارورة اللهفة على بياض النَّص، ثم تركتُ لرائحة الوطن تجوس محيا الجرح، تتلمَّس عمق الشرخ، وتمضي غير آبهة بما طال نسغ القصائد من تأوهات ، وحده اليقين يهبنا الضوء، وحده يُوقد قناديل العيون المطفأة، ويشعل النور في آخر النفق ، وحده اليقين بالله قارع طفرة الشك داخلنا ،فأشرع نوافذه صوب الشمس، وتيقَّن من استدارة تفاحة أفكارنا النبيلة، وقبولنا بحقيقة الاختلاف ، يمكنك أن ترى مركز الدائرة ، وبنفس المسافة ، اتفق معك الآخر، أم اختلف ، أنت لا تملك سوى الوقت الذي تكرسه من أجلك ، أو تهدره من عمرك، أنت لا تملك سوى أحلام ، ومظلات قديمة تريد لها البقاء  ورصيف في شارع، لتجلس عليه، و أرض لتسير عليها ، وبقعة مربعة في الليل ، ترتمي فوقها لتنام ، أنت لا تملك سوى حفنة أمنيات ، وتطلعات، ورؤى ،كبرتْ معك في جُعبة الوقت ،تدثرت بالانتظار، وتلفَّعت بالصبر ، وتفيأت جدار الظل ، حتى انداح فوق زمنها دعاء الاستمطار .

*الاستمطار الذي يعني أن تقاوم ـ بالتوسل ـ الغيم المعتم داخلك، أن تجعل صبرك يتصدر وجه غيمة، ترتكب في حقها كل أسنَّة الكلمات، لترسلها حتى تضع حملها، هآنت على مرمى فرح ، وقاب قوسين من فرج تشهد ولادة المطر ، تلعن ستائر الظلام التي انسدلت فيك ، ترفع الحجاب عن الرؤية ، تسمح للنور، بالتسلل فيك ، فيمن حولك ، تمضي باليقين، لتشهد ولادات أخرى للأمل فوق سيمياء الأرض ، تداهم سلالة اليأس ، بأنفاس من ضوء ..

*لا تقل لي أنك لا تملك الوقت الكثير، و أنَّ ثمة أشياء عمرها ينفذ منك ، أنت كثير بك ، تلملم أزرار الزمن في كفِّ عفريتك المؤمن بالثورة داخلك ، تتمرد على الأشياء التي تخضعك لها، تنزُّ أعماقك ، تهزُّ أحاسيسك ، ترى النور كما الفجر ، حين ينبلج من رحم العتمة ، ويسمح للشمس العذراء أنْ تبدأ عرسها المجيد نحو وجود يليق بك .

*أيُّها المجيد ، المنبعث من سلالة الطين ، وأساطير السماء ، و أنفاس الحياة ، ووحشة الأحراش المتوغلة بغاباتها فينا ، وجهد الحروف ، وألواح الفرسان الذي حملوا رسالة النور قبلك ، و أسلموا الراية لمن تلاهم ، لا تتوقف ، لا تسمح بأن يُسلب حلمك ، بأن تُطفأ عيون الحياة ، بأن يتغوَّل الشر عن قيمك النبيلة ، بأن تكبر الظلمة فينا ، بأن يكثر أعداء النور.

*لا تسمح لأصوات الرصاص أن تتغلب على هديل اليمام ، ولا لأعمدة الدخان أن تسلب صفاء أكسجين الله ، ولا لدبابَّة الحقد أن تجثم على صدر الأرض ، ولا بنعيق الغربان أن يُخرس دعاء الكروان ، ولا لليأس أن يسلب لبِّ الأمل ، ويسطو على رايات الأمل  ، و يسرق منك إحساسك بك ، بمن حولك ، بالحياة ، بالله ، لا تسمح لهم بتجريدك منك ، بتفريغك من معناك الجليل ، بصِّبك في وعاء فارغ من دلالته ، لا تسمح ليدك أن تمتد لتقتل ، ولا لقلبك أن يغدو محشواً بالكراهية ، و لا لعودك أنْ يطيش عن طور فطرته ،فيؤذي  ويجرح ،  ولا لإنسانك أن يموت بيدك .

 أيُها المجيد ، الله أرسلك أنت ، رحمةً من بعده بك ، وبأهلك ، وبوطنك ، وبغيرك من سلالة البشر ،  استدر نحو قبلة النور ، نحو الشمس ، نحو البياض ، نحو عترة الطهر ، نحو الأفق المتسع للحب، نحو الرضا عنك، استمر ، استمر ، باليقين فيك ، بالنوارس البيضاء ، بالعصافير التي تغرد كل صباح ، بالطوابير التي تملأ الشوارع مُرسلة شارات الوجود للنور السماوي ، بالأحياء التي تطفو فوق صدر البحر ، بالابتسامات التي تتفجر كالفوشار من شفاه الطفولة البريئة ،  لتخبرنا أن ثمة صرخات وجود عاشقة ، ترتُّل تراتيل الألوهية لله  ، تُنشد الحب ، ترنو للسلام ، تسنج خيوط البياض كل لحظة ، كل حين ،كل حلم ، كل تعب ، كل صبر ، كل انتظار ...
 أيُّها  ا لإ ن س ا ن ....


( بمناسبة مرور خمسة وعشرون عاما على تفعيل روابط التواصل بين الأشخاص في عالم الويب)

التوحد فيك.





تتعثرُ خيلي فوق مصبَّات دمعي
مصهورةً في قاعٍ يتدانى من قمة التَّداعي.
كالأحمق تغادرني روحي..
وتعتلي صهواتِ الْجراح.
تُعلنني مدناً مفتوحة الْجُرح
مشروخة الفوهة ّ!
أعرفُ المسافة بين كفِّ البحـــر وخاصرة وجعـــي
حين تثقبُ الدُّموع جدار وحدتي،
ويلهجُ لساني بذكرك فوق شفاه ذكرياتي
أتناسى السقوط في فخِّ نسياني
وأغرقُ
أ
غ
ر
            قُ............
         في توحِّدي فيك!         
أدركُ أنَّ الأنهيار: هو ثمةُ وصولٍ لمآذن فقدك
واستدراجٌ لصلوات تغريبة الروح!
أدركُ أنَّ ثمة قصائد بيضاء يُسربُها ضوءك
لمزيدٍ من الاحتراق فيك!
لا أفهمُ لماذا تملأني حد التُّخمة...
يا أنت...
يا
أ
ن
ت!
غلاءُ روحك ظاهرةٌ تتسربُ في ملح دموعي .
سياجُك يلفعُ حديقتي المعزولة في وحدة وجهك.
حقولُك تكتسحُ رماد أيامي المغتربة عن تاريخ
ميلادي!
لاتُقاتلْ دالية غربتي فيك.
لاتجـــرحْ لحائي.
حين تخضرُّ شرنقةُ توحُّدي فيك!



الأربعاء، 17 أغسطس 2016

آخر أخبار الحلم ....








كلما غفا في قلبي حلم 
استيقظتُ و أنا أهزه 
ليصبح معي على رائحة قهوتي 
صباح  جيد  ......
للوقت المستقطع من عمري 
لمنشورات العاجل في الفيس بوك 
للشعرة البيضاء في رأسي   
 لملابسي الصامتة في خزانتي 
 للطلاق الواقع في بيت الجيران 
للمستأجر الذي يدخن  نقوده في الهواء 
للحكومات  الغارقة في الشجب و البيانات   
سأنزُّ قصائدي 
لتذهب حافية إلى حبيب يستوعب حلمي 
يجعلني أرقص فوق عنق الريح 
يسحب من روحي لونها الشاحب 
ينفض عني غبار العزلة 
و ارتباك العتمة ...
يبتكر لي طريقة جديدة للضحك 
يعلمني كيف أجعل أناملي شموعاً    
 أشعلها كلما غادرني الضوء 
يخترع لي  وطناً  يتسع في حقيبتي 
يمكنني أن أحمله دون أن يسلبوه مني 
أريد  أياماً تعدني  بعلب شوكولا كثيرة 
 أتناولها  في صخب وفوضى 
دون أن يؤرقني حزن المدن النازفة 
أو يلتهم ظلي النمل حين  يأكلني 
البكاء على أعداد الشهداء .


اللوحة للفنان التشكيلي علي العباني 




الثلاثاء، 16 أغسطس 2016

أميرة الشــموع







• يهبني الضوء فرصة لأن أذوب في غياب الظلمة، أشعلً أصابعي من عود صبرٍ يتَّقدً، جراء غيابٍ، ويشتعلُ جراء حنين، و يخبو جراء خيبة أملٍ، أجعلُ مني أمام هالة الضوء كتلة انتظار مهيب، تتوهج كلما قتلها سهمٌ من نبال الظلمة.

•  في توحد الشمعة أمام ظلي الكبير على الحائط، تتناثرُ أسئلتي كرمادٍ أحرقته لوعة الالحاح، يلفعني زيتون صبري بمرارةٍ، أتساوى مع الشمعة، لكنها تظلُّ أكبر مني، في ذوبانها من أجلي، في منحها لي أقباس الضوء ـ وسط عتمةٍ محيقةٍ بروحي، تتلاشى في حب، تختفي في ذروة الوقت المقيت ساعة.. ساعتين. ..ثلاث ساعات... تتركُ ظلها جامداً يقول إجابته ويرحل في صمت بليغ!

• الشمعةُ كائنٌ يسمع، ويرى، يشعر بنا، متى حضر يحضر معه هدوء الفكرة، وألقِ المشاعر، إنها مانحة، كبيرة، عظيمة، مهما كانت صغيرة، تكتسحِ السواد بنورها، وتغدقُ وفرة الضوء للعيون المنطفئة من الوهج، الشمعةُ تذوبُ من أجل روح تفكر، أو يدٍ تتعلمُ على ضوئها، أو عين ٍ تعمى عن رؤية أحبائها، تلعنُ الظلام بجسدها الهلامي، وتتخلى عن نخاعها الرفيع، من أجل أن تقول للعتمة المخيمة على روح الليل لست شيئا عظيماً في حضوري!!!

•  من سأذوب من أجله؟... أهبُه من ضوء روحي أقباس فرحٍ، لا أسأله عن عمري، وعما سأهبه من جسدي، أمضي في رحلة ذوباني بيقين كبير يحفني، أنَّ هنالك من يستحق ضوئي، ويستحق أن يسجد عند حضوره ظلي ـ في ركوع أبدي، ينطقُ من جسدي الجامد ـ كتلك الشمعة جملةَ الوجود الكبيرة، تاركة لأسئلة الوجد حفنة رمادي، وبقايا نخاعي، وخيطي الرفيع، وحروفي الخابية، وخيالي المتساقط!!! في لوعة الحيرة، وفنجان يحتويني كما السمكة والماء.

• أ نا أنثى لاتصلح للحب، ولا للكلمات المنمقة، ولا للزوايا القصية، أنا شمعةٌ صامتةٌ، غالبتْ الانتظار في علبتها المربعة، أكلها بياضها من البقاء غي النسيان، أبدو كفئة دم مانحة حياتها لكل الأرواح، لكني آبى أن آخذ قطرة حياة لأعيش بها، أنا والعتمة في تعايش دائم، أفهمها بعمق، أهبُها مني ما يجعلني أذوب في عمقها، وأستشعرها في صميم معناها، نقيضان لانقبل بنقطة المنتصف، ولا الحلول الرمادية، مثلما يفعل هيجل حين يتحرى مبادئه الثلاث، ويمضى وهو لا يعارض إلا نفسه في قرارتها.

• ساهرةٌ مع شمعة، وثمة دموع تحفر أخاديدها على خدي، تمر بوادٍ  زرعته ذكريات قديمة، صور، ووجوه رصدها صدر الحائط في احتضان عجيب، تركتُها تندس في أسراب روحي، تتمخضُ شكلها، تتشربُ من ينبوع الليل في سنائي، تتعرفُ لواعج قلبي، ثم تختار لها طريقاً عبر أرشيف ضياعي. 

• من سيأبه بسباتي حين أركن ُ متوحدة ظلي؟ ويوم لا أسبت، سأرقص محتفية بأيام الضوء الباقية من عمري، أفكرُ كيف أهبها، ولمن أُِشرع نوافذي، و من أجل منْ سيتلاشى ُتراب نخاعي؟

• منْ سيحظى ببياضي هذه الليلة... ويحمل أكفان ظلي في صحنِ غربته، يملأُ وجودي أسرار بوحه، ومؤتلق روحه على صنارة وجعي، يمضي وهو على يقين أن ثمة بئرٍ عميقةٍ، رمى إليها بحقيقة الطين، وهي لا تألو على سبب يسأله، أو يُصادر حقوق البكاء بين أحضان شمعة.

ذات تذكُّر لروح معطاءة

السبت، 13 أغسطس 2016

مواطنة تتسكع في جرح .......







أفتحُ قارورة عطر الحنين ، وباب الاشتياق ..
يحاصرني وجهك بين زوايا الليل المتوحدة صمتك المهيب، في شرنقة السكون، في تجاعيد الشوارع المهجورة، في حانات يتردد بين أصدائها رنين ضحكات الماضي البعيد، وجوه كانت هنا ترتاد صخب المقاهي، وضجيج الأزقة، تعبق برائحة الزمن الجميل، والآن يبيت فيها الوجع   ويستيقظ صباحا متحدثاً لنا بصوته الصارخ، يرسل لنا رسائله النصية في صياح لا يتوقف، ووجوه ما كان لها أن تعرف الوطن، لولا أن عرفت كيف تتسلق فوق أكتاف الزمن


  أتسكع في جرح نازف، أحاول رتق الجبين بشيء من ضمادات كلماتي، أستنزف الوقت المتبقي من عمر الدولة، في البحث عن أطياف عاشقة، وألوان صاخبة تعرف كيف ترسم نقوش الفرح بين حانات الوطن المهجورة، كنتُ أقلق، أخاف، أتوجس، أنتفض في حيرة، متسائلة ماذا بعد أن ترهلت الأزمنة في ليبيا؟ ماذا بعد أن صارت قبلة للمفسدين في الأرض؟ ماذا بعد أن غدت هذه الحقول ــ المخضبة بالقمح، واليمام، والزهر، والورد البلدي، والياسمين ـ قاتمة ومهجورة؟ بعد اختصار أعمارنا؟ بعد عودتنا للعصر الحجري؟ ماذا بعد أن أصبح العالم يخافنا، ويعاملنا على أننا مواطنون بدرجة (مسجل خطر؟)

أتسكع في نزف الجرح، وخاطري مجروح، ونسغي يبدد دمي للخارج، وريدي ينفر اللون الأحمر هنا وهناك، قصائدي شاحبة، صوتي يتحشرج كلما لفظتُ اسم مدينة ليبية، أشعر أنها بدأت تفقد وعيها عن الوجود ...وآآآآآه من الوجود الذي أثقل رأسي بالوعود، ودوُّرني تائهة، ضعيفة، لا حول لي ولا قوة، خجولة، مطأطأة الرأس بين رفيقاتي، حين يكتبن، ويتحدثن مزهوات بأوطانهن، حين يرسمن أفعال الرجال في أبيات شعر، أو ثلة خواطر، أو حفنة شهب من شذرات الشعر، وماذا سأكتب عنا؟ عن اختلافنا؟ أم عن قادة قادوا ليبيا لمستنقعات الرماد؟ أم عن رجال يناضلون ليل نهار من أجل تأزيم أوضاعنا المعيشية؟  أم عن حكومات الحد الأعلى لفاعليتها الاستجابة لتوفير الأرز والدقيق وجزء مستقطع من المرتب، وبالكاد جرعة أنسولين لمريض سكري، يستنزف قواه، ويبطل شهيته، ريثما تأتي الجرعة التالية، عماذا سأكتب؟ عن مدن تتراشق الحجارة فيما بينها؟ أم عن كتاب وصحافيين لا يسمع صوتهم أحد، أم عن سلطة عمياء لا ترانا؟ أم عن أئمة تركوا قضاء حوائج الناس، وتفرغوا لقضاء حوائج السياسة؟ استغراق يتوه في دهاليز ذاهبة في طولها، مادام باب الحوار ينحو مناحٍ جدلية، ومادامت المخالفة تتفوق على الاختلاف، والخلاف يقود الأطراف للبحث عمن يخلف الطرف الآخر.

 تومئ لي فوهة البركان المفتوحة في ليبيا أننا لسنا في الوجود الحقيقي، وأنَّ الوجود السالب يستغرق بنا نحو شرخ عميق لا ننتبه له، نُدب، وعلامات تطال جسد الوطن، طعنات في صدر الهوية، تشوهات خلقية تطال التراث، والكل مفصول عن الكل، كان وجه *هايدجر* يلاحقني من فكرة لفكرة، يغمرني في عشب السؤال، فأغرق في سافانا طويلة، من إجابات تتسكع في نسغي، تحاول ملاحقة نبضي المسكون بالقلق، هنالك رأيت الكثيرين مثلي، غارقين في يم الأسئلة، والفصال عن وجودنا الفاعل، ذلك الوجود الممتلئ بالصخب، والحياة، والتفاعل، والفعل، وردِّ الفعل، كنا في هوة من الإحباط ، يسكننا الخوف، يقيم في داخلنا ذلك الوهم من أننا موجودين حقيقة ، هزَّات من هايدجر، تحاول روحي أن تستل نفسها من الاغتراب عن واقعها ، خشية أن يصل الأمر لسلب الذات ، وتفريغها من قيمة الوجود .
  
 أتسكع في ذلك الجرح الغائر، أغوص حتى يغمرني بياض حزنه ، أتشرب منه عنوة، لأقول له سأظل أقلق عليك، ما دمت نبضا تسري في وريدي مدى العمر ،  سأمضي به ويقيني ببلادي مطوياً في قلبي، أحمله في جنبات هذه الروح المرتعشة، مثل طائر مبلل بالحنين لعشِّه، يتمنى أن ينفض عنه غبار الهجرة والاغتراب،  فالقلب مُلقى في غيابات الجب ، والروح مغازل تُلقي بأسماعها لأخبار الوجد ، والعيون سهرٌ انداح  في مسارب الليل طيش ونزف ، والأنف ضمِّخته رائحة الغياب حتى سكرتْ به شهوة اللقاء ، والشفاه أناختْ بأسئلتها إلى إجابات  ترجمتها قبُل  التوق  للقاء وجوه ابتلعها الغياب  ، في سجون التوحد والتغريب داخلنا.

عبير الورد

ذات تسكُّع في جرح
13/8/2016 

الاثنين، 8 أغسطس 2016

أنثى عادية











ضعني على رفِ البداية لديك ..
تناولني بأناملك ككتاب ترغب قراءته .
لأنك تريد أن تنسى من أنت .
عندها ستجدني في صدر كلِّ صفحة 
أكتبُ هوامش بدايتي في عينيك .
و أنسكب بين متاهات الكلمات كي أحدثك عني 

المنسيةُ في قاع الوحل والطين  
وساعات منبه الصباح 
في وجه البحر المتسع دهشة  
في حماقة فنجان قهوة تناوله عاشقٍ غادرته حبيبته 
بمرارة 

تذوقْ طبعـــي بهدوء ....
بثمــالةٍ صادقة 
فأنا أكرهُ كل فنون الكذب !
و أمقتُ العناوين المزيفة !
و أشمئزُ من أرقام الهواتف المشبوهة !
و أرتعبُ إن سألني أحد عن اسمي !

يا نكهة الملح في مذاق أيامي 
وطعم اللوز كلما قبعتْ قصائدي بين أناملي
و آثامي !

لا أحبُّ البقاء هنالك عند آخر اهتمامات اليوم العادي 
ولا عند مشهد فستاني الدانتيلا الأسود 
ولا عند حافة نافذتي المشرعة 
على أسئلة غيابك .

أحبُّّ نكهة البُن حين يأتي الصباح باسمك  
وطعم الهيل حين تشمني رائحة صوتك 
وجنون المذاق حين أشتهي بكاء المطر 
وعبق حضورك  
يلفحني كطائرٍ مرتعشٍ ...
يكرهُ أنْ يُسألْ عن أشياء الفقد 
والحرمان  
والقهر  
والأجنحة المقصوصة 
من اللا  
ومن سيرة الهلالي حين ضمخته خيانة الأحباب 

أحبُّ أي طفل اسمه كاسمك 
وضحكته تشبه رنين البحة في صوتك  

يا أناي ...
أحبُّ أن أكون في رفِ البداية  
و أكره النهايات المليئة بالغبار 
البعيدة عن ضوء النهــار 
الواقفة على نخلات العلو 

كالماء المُتسرب من ثقب الغربال .
كأحلام ذوَّبها ملل الانتظـــار.