الثلاثاء، 16 أغسطس 2016

أميرة الشــموع







• يهبني الضوء فرصة لأن أذوب في غياب الظلمة، أشعلً أصابعي من عود صبرٍ يتَّقدً، جراء غيابٍ، ويشتعلُ جراء حنين، و يخبو جراء خيبة أملٍ، أجعلُ مني أمام هالة الضوء كتلة انتظار مهيب، تتوهج كلما قتلها سهمٌ من نبال الظلمة.

•  في توحد الشمعة أمام ظلي الكبير على الحائط، تتناثرُ أسئلتي كرمادٍ أحرقته لوعة الالحاح، يلفعني زيتون صبري بمرارةٍ، أتساوى مع الشمعة، لكنها تظلُّ أكبر مني، في ذوبانها من أجلي، في منحها لي أقباس الضوء ـ وسط عتمةٍ محيقةٍ بروحي، تتلاشى في حب، تختفي في ذروة الوقت المقيت ساعة.. ساعتين. ..ثلاث ساعات... تتركُ ظلها جامداً يقول إجابته ويرحل في صمت بليغ!

• الشمعةُ كائنٌ يسمع، ويرى، يشعر بنا، متى حضر يحضر معه هدوء الفكرة، وألقِ المشاعر، إنها مانحة، كبيرة، عظيمة، مهما كانت صغيرة، تكتسحِ السواد بنورها، وتغدقُ وفرة الضوء للعيون المنطفئة من الوهج، الشمعةُ تذوبُ من أجل روح تفكر، أو يدٍ تتعلمُ على ضوئها، أو عين ٍ تعمى عن رؤية أحبائها، تلعنُ الظلام بجسدها الهلامي، وتتخلى عن نخاعها الرفيع، من أجل أن تقول للعتمة المخيمة على روح الليل لست شيئا عظيماً في حضوري!!!

•  من سأذوب من أجله؟... أهبُه من ضوء روحي أقباس فرحٍ، لا أسأله عن عمري، وعما سأهبه من جسدي، أمضي في رحلة ذوباني بيقين كبير يحفني، أنَّ هنالك من يستحق ضوئي، ويستحق أن يسجد عند حضوره ظلي ـ في ركوع أبدي، ينطقُ من جسدي الجامد ـ كتلك الشمعة جملةَ الوجود الكبيرة، تاركة لأسئلة الوجد حفنة رمادي، وبقايا نخاعي، وخيطي الرفيع، وحروفي الخابية، وخيالي المتساقط!!! في لوعة الحيرة، وفنجان يحتويني كما السمكة والماء.

• أ نا أنثى لاتصلح للحب، ولا للكلمات المنمقة، ولا للزوايا القصية، أنا شمعةٌ صامتةٌ، غالبتْ الانتظار في علبتها المربعة، أكلها بياضها من البقاء غي النسيان، أبدو كفئة دم مانحة حياتها لكل الأرواح، لكني آبى أن آخذ قطرة حياة لأعيش بها، أنا والعتمة في تعايش دائم، أفهمها بعمق، أهبُها مني ما يجعلني أذوب في عمقها، وأستشعرها في صميم معناها، نقيضان لانقبل بنقطة المنتصف، ولا الحلول الرمادية، مثلما يفعل هيجل حين يتحرى مبادئه الثلاث، ويمضى وهو لا يعارض إلا نفسه في قرارتها.

• ساهرةٌ مع شمعة، وثمة دموع تحفر أخاديدها على خدي، تمر بوادٍ  زرعته ذكريات قديمة، صور، ووجوه رصدها صدر الحائط في احتضان عجيب، تركتُها تندس في أسراب روحي، تتمخضُ شكلها، تتشربُ من ينبوع الليل في سنائي، تتعرفُ لواعج قلبي، ثم تختار لها طريقاً عبر أرشيف ضياعي. 

• من سيأبه بسباتي حين أركن ُ متوحدة ظلي؟ ويوم لا أسبت، سأرقص محتفية بأيام الضوء الباقية من عمري، أفكرُ كيف أهبها، ولمن أُِشرع نوافذي، و من أجل منْ سيتلاشى ُتراب نخاعي؟

• منْ سيحظى ببياضي هذه الليلة... ويحمل أكفان ظلي في صحنِ غربته، يملأُ وجودي أسرار بوحه، ومؤتلق روحه على صنارة وجعي، يمضي وهو على يقين أن ثمة بئرٍ عميقةٍ، رمى إليها بحقيقة الطين، وهي لا تألو على سبب يسأله، أو يُصادر حقوق البكاء بين أحضان شمعة.

ذات تذكُّر لروح معطاءة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق