الأربعاء، 15 يونيو 2016

كيف يذوب عمري ؟!









في عيد ميلادي الافتراضي 

سرعان ما ذابت شموعي  
كأناملي العشر ....
حين  تغمس شفاهها في رحيق النار 
ثم تشعل فتيل الكلمات في فوضى الحواس
و الذاكرة المهملة  
و أنا المرمية في نسيان واقعي 
قرب نافذة في شارع بنغازيَّ شعبيَّ 
أستيقظُ يوميا على صباح برائحة الرصاص 
و حدائق لا زهور فيها 
وشوارع أطفالها خائفين 
وابتسامات مزمومة من لعنات الأزمات المفتعلة 
و تأخر الأكسجين عن حناجرنا 
يا الله ....
كم أبدو عجوز عمرها قرن ويزيد 
تلعق ذكرياتها في ألبومها 
وتحتسي أحاديث الماضي في كأس 
مترعة بالحزن 
لم أعد أشمُّ رائحة الفرح منذ أن رميتُ نفسي
بين أحضان ورقة تُخضب بياضها بحناء العشق
للتوحد وأفيون العزلة 
لأنسى أكزيما النزف 
وزهايمر حكوماتنا  
وكساق البامبو سيان أن أعيش تحت الماء
فوق الماء ...
مادام جسدي لم ينفض غبار الحرب 
عن وجهي ...
ولم يتوقف قلبي عن مناداة ليبيا في نبض روحي 
ومادمت مقاتلة افتراضية ترجم القبح بنبال الشعر 
وتقاوم الموت بالحياة
مازلت أستطيع  أن أمارس الحب كدُون كيخوت 
و أصنع طواحيني كيفما يتفق لي الحلم ...


عزة ــــــــــــــــــ



شكرا لكل من عايدني بمناسبة عيد ميلادي 15/6

الثلاثاء، 14 يونيو 2016

أشياء المنضدة !











  أشياء المنضدة

• وحيداً تفتحُ أزرار قميصك للريح، تترك يمامتك البيضاء تهدل بصوتها على شرفة اغترابك، تفتح كفيك سخاء لقمح الحب، لعل العالم يسمو كما يشتهي جناحها المسالم، تترجم كسادنا الأخلاقي في سجنك الانفرادي، تكتبُ مأساتنا الخالدة  في دفاتر صمتك المهيب، وكأن رحم الكلمات ما أنجب إلا سبع لغات عجافٍ، عجزت عن الاتيان بصيغة تناسب حجم أوجاعنا اليومية...


• وحيداً بين أشياء المنضدة الغائبة عن الوعي، والوجود، الهامسة في سكون الريح، الواقفة بصمود عتيدٍ  قبالة الوجوه الفرحة  والحزينة، المُثقلة بعتاب الملامح التي تكتم أسرار الغرباء في نخاعها، وتقبل أن تخدش الأنامل الغاضبة لحاء وجهها مقابل الاصطفاف على صدر أوجاعها... فمتى تأتي  السنبلات الخضر لتعلن موسماً مليئاً بالحب؟ معفراً بالحناء، يجتاح سماء العالم، ويعلن بدء عصور الإنسانية، لتكمل نجمة تتريت طريقها نحو الفجر...


• المائدة التي يتسع صدرها لشتى صنوف الأكل، يتسع وجهها لكل تعابيرنا الهلامية، الماهرة في التمدد والانكماش، والبوح بأحاديث الروح، تفترش أوجاعك على مُحياها، تتسرب عبر تجاعيد وجهها، تتغير ملامحها من آثار الزمن عليها، لكنك تركن لقلب الخشب الدافيء دون أن تلسع نسغك حرارة المكر، وكيد الصحاب...


• المنضدةُ سيدةٌ كريمةٌ، تفتح ذراعيها بسخاء السماء، حين تهبنا غيمات ماطرة، وتنتظر انفجار رحم الأرض بالحياة، إنها تمتص أوجاعنا، وتُسرح الكلمات من سجوننا البائدة فينا، تتحمل دق عنقها ونزف جسدها، حين يروقنا أن نفتح نوافذ قلوبنا على مصراعيها، وحين نجود بأحزاننا على سيمياء وجهها المتآكل من لوعة الذكريات الممتدة على عاتقها، إنها لا تسألنا، بل توميء لنا بالإيجاب، و توافق على ما نغدقه عليها دون سؤال، تمضي غير آبهة بانفعالاتنا، وموجات غضبنا التي تكسر أضلاعها في شراسة قاتلة ، وحفرياتنا الراسخة على محياها، سيدةٌ مثل المنضدة، لا يمكنها أن تجيد في الكون سوى ترجمة لغة جوارحنا...

• الطاولة بيت الحظ، وبئر فلسفة حجر النرد، وألفة المواضيع ـ واختلاف الآراء، ودبلوماسية الدول، تترنح أو تتوازن تبعاً لما تقوله لغة الأوراق فوقها، تمر من عُصارة  لحائها مختلف المدارس الدبلوماسية، تهبها الانتظار، والوقت، والزمن، الوجوه المتذمرة، والسعيدة، لكنها لا تتخلى عن ميثاق شرفها، ولا تبيع جسدها للنجار بعد أن أفلتت من عقال مطرقته، بل تمضي سادرة في غي رسالتها، صابرة على إلحاح عقولنا المثقل بالحاجات، وتعب أجسادنا الباحثة عن مأمن من العذاب، الطاولة سيدة أعمال نزيهة، ثابتة على مبدأ التواجد، سائرة على درب التناقض، تجمع أو تُفرق أو تقسم أو تطرح من معادلاتها صفقات وأجساد وحظوظ  ووجوه...

• ثمة إنسان يحاكي المنضدة في سلوكها الكريم، تمر عبره صداقات وعداوات، وحقائب السياسة والمشاريع،  يترفع عن مضاهاة الألم بفعل عكسي، يتوجع تحت وطأة التناقض في الصلات لئلا يخسرها، يمنح  قلبه بسخاء، يتذكرـ متى حضرته ذاكرة الأيام ـ أولئك العابرين عبر مساماته، ثم يمضي بثقة، غير آبه بما قدمه، ويقينه بالله يتساوى مع المنضدة في شعورها، وإيماءات تجاوبها للحياة...

• المنضدة مدينة فاضلة، أو دولة تكونتْ من ضروب خيال أفلاطون، لم يتوصل لماهيتها، أو لسانيات كنهها ذي سوسير، مهما أبدع في جعل اللغة  ذات مبدأ وأصل، إلا أنه لم يلتفت لثوابت اللغة الطبيعية للجماد، التي تبدو رغم سبات عقلها، حاضنة كل الثقافات، ومستوعبة لشتى العقول، وقابل طبيعي بالتعددية  فوق مساحتها، جامعة بين الفقير والغني، المسلم والمسيحي واليهودي وتلك وذاك وأنا وهي وهو، الذكر والأنثى سواء، الجاهل والمتعلم معاً... إنها مدرسة كبيرة، ترتع أمام ناظرنا، لكننا لا نلتفت لماهية الجماد حين يتحدث تاريخنا، شرفنا وعارنا، وعصورنا البشرية، بهمجيتها وتحضرها...

ــــــــــــ
هوامش:
- تتريت: كلمة أمازيغية  تعني نجمة.
- أفلاطون: منشي فكرة المدينة الفاضلة.
- ذي سوسير:  من أشهر علماء اللغة في التصورات والأبنية اللغوية.

الجمعة، 10 يونيو 2016

خرج ولم يعد







جوف الليل قصيدة فاتنة ...
تنبت من عشب صدره آهات حزن 
قدَّت خصرها للشعر ...
ووهبت  شعرها شهوة للريح 
مثل طائر مجروح يتلكأ 
امتصت الغيوم رحيق الشمس.
وتركتها عارية من حقيقة الشروق 
وأنا حيدة هنا أنشر قصائدي مبللة بالشوق
للغائب الحاضر على خصر الوقت 
للمنسي في غبار الذاكرة 
للمدفون بين الصور في ألبوماتي القديمة 
للذي خطف الابتسامات من وجهي 
وذهب مع الريح ـــــ
للمطوي في قلبي بالزاوية الغارقة في حزني 
للنهار الذي خرج ولم يعد 
لم أعد صالحة للحياة 
ومدة الحلم الجميل تنفد من العمر 
المعبأ بتجاعيد خطَّها الألم بأظافر شذبت 
أطراف أماني الكثيرين مثلي 
تركت القبح يتمدد وينمو كحشائش سافانا 
مررها خط الاستواء في جغرافيا دامية 
رسمتها فوق خارطة الوقت الرصاصة التي لم تتوقف عن الأنين 
القلب الذي شجًّه الرحيل والفقد
روحي النائمة في مدن الغبار 
قصائدي المنسية في قاع الوحل والطين 
و ليلي الذي فطامه عمري بأكمله !!