الخميس، 2 نوفمبر 2017

رواية سفر الريح ، لعزة رجب سمهود.









 مع قرب صدور أول أعمالها الروائية تقدم الكاتبة الليبية/ عزة رجب سفر الريح كرواية طويلة ، الصادرة عن دار الغراب 2017 ، لتتنوع فصولها السردية ، وتأخذك لعوالم آخاذة ، جمعت بين سحر الأسلوب ، وعمق الكتابة ، و السرد الشائق المحمل برائحة التأريخ ، والألم ، وحكاية شعب تاه عبر مسارب السنين ، منذ الاحتلال الأيطالي لليبيا ، إلى محاولته للتغيير عام 2011 ، تختار الشاعرة الروائية أبطالها بطريقة مثيرة للاستكشاف ، فتنقلنا شخصياتها بين إناث التائهة مع قصصها ، وبحثها عن حريتها ، والمتفاعلة مع قضاياها كمرأة ، وبين سمر البطلة والساردة لقصة بيللو ، الذي هو زوجها في حقيقة الرواية ، تجمع عزة سمهود أفكارها في روايتن ظاهرتين دون خفاء ، تنقلنا بين الأبطال ، ورحلة عذابهم الطويلة في أيام المملكة ، و حرب تشاد ، والربيع العربي ، من خلال استخدامها لتقنيات حديثة في الرواية ، وبمهارة وسلاسة ومتعة في السرد الذي أضافت إليه من خيالها الخصيب شخصيات تنبع من إرهاصات العقل الباطن للبطل عمر القاسم ...
تبدو سفر الريح رواية من النوع الذي يعري القشور الاجتماعية والارهاصات الثورية بكل قبحها ، وتعنتها وفجورها ، بجرأة في الطرح ، وسرعة تنقل بين الأزمنة والأماكن دون أن تشعر أنك تقرأ رواية .



يقول الدكتور يسري عبد الغني عن سفر الريح :عزة سمهود كاتبة تعي أن فن القصة أصبح لونًا فنيًّا يجب أن نراعي قواعده وأصوله، ومن هنا جعلت روايتها ميدانًا خاصًّا خصبًا لوصف تاريخ ليبيا، جامعةً بين الماضي والحاضر في صور مختلفة، فقرأنا معها الخير والشر، الكفاح والحب، البغض والوفاء، مشكلاتنا بوصفنا مجتمعًا عربيًّا، أشخاص وأشخاص يعكسون على مرآتهم صور الحياة التي تعبر عن هذه المشكلات. الكاتبة نجحت في أن توظف مادة عملها القصصي بمصادره المختلفة في التعبير عن فكرها أو ما تريد أن توصله إلى الناس، كل ذلك بعرض الحوادث والمواقف، والشخوص التي تتعرض للمواقف والأحداث، والبناء السردي بما يشمله من حوار ووصف عبر الزمان والمكان والفكر والمغزى.

​وشخوصها سواء أكانت أساسية أم ثانوية تنجح في أن تضفي عليها البعد الظاهري المتمثل في التكوين الجسدي والملامح البارزة في الشخصية، وكذلك البعد الباطني المتمثل في التكوين النفسي والطبائع المميزة للشخوص التي نعيش معها عبر العمل الإبداعي . ​والرواية التي معنا يمكن أن نجعلها من الروايات التي تجمع بين الرومانسية والواقعية والاجتماعية والوثائقية.


في الوقت نفسه الذي تنجح فيه المؤلفة أن تستخدم وسائل وتكنيكات روائية عديدة، مثل القطع، وتيار الوعي، والمنولوجات والديولوجات . ​أما بالنسبة للغة فلغتها واضحة سهلة مفهومة، لغة تبعد عن التعقيد أو الغموض، وحتى وإن وردت في سياقها بعض الكلمات العامية فهي مفهومة وغير مستهجنة، وقد نجحت في أن تستخدم الدلالات اللغوية بكل ما فيها من إيحاءات لتعكس ما تريد من فكر خلالها، أضِفْ إلى ذلك قدرتها على رسم لوحات تعبيرية تجمع في ذكاء بين أشكال اللون والصوت والحركة .

هذه كلمة عابرة أردتُ أن أكتبها للمبدعة الأستاذة / عزة سمهود عن روايتها الممتعة المهمة (سفر الريح )، التي تمتلك مقومات الفن الروائي وأصوله في زمن تجاهَلَ فيه العديد ممن يتصدون للفن الروائي كل قيم الفن الروائي ومفاهيمه، والذي نحذر أننا لو استسهلنا الأمر وظللنا في حالة الفوضى الروائية هذه، فإن ذلك سيؤثر - دون شك - بالسلب في مستقبل فن الرواية ، تحيةً إلى المبدعة التي تمتلك أدواتها الفنية الأستاذة :عزة سمهود، وفي انتظار العديد من الأعمال القادمة لها



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق