الجمعة، 10 نوفمبر 2017

حتى كأنه خردة ..








 لا أعرف من ستخرج الحرب من رأسي ؟ ومتى ستغادر ذكرياتي ؟ ومتى سيعتصرها الفرح حتى تنكمش ، تقول لي صديقتي سارة : إذا حدث و انكمشت الحرب  ، فسوف تتحول أمعاؤها لوحش جائع ، لا يُبقي ولا يذر !


 ربما قرأت  سارة عن نظرية التشاؤم لمالتوس ، وقررت أنَّ الحروب شر لابد منه ، للحفاظ على توازن السكان ، وتوازن العقول  .

 و من شدة رفق الله  بنا أخذ الحروب في نزهة قصيرة بين حين وآخر ، فاسترحنا  من صوت رصاصها ، ومن مقت ساستها ، ومن تذمرهم ..  

 ذات نزهةٍ  صرخت سارة  مشدوهة ، وهي تلقي بلوح الشكولا التي أعشق :  جارنا السياسي يزور محلا للزهور !??

شكَّل هذا الخبر صدمة كبيرة لي ، وتصورت جارنا السياسي وهو يغازل زوجته ، ويلاطف بناته ، و يقدم لهن الورد ، برائحة الدماء التي اقترفتها يداه ، في حق المدنيين بمدينتي !

لا أعلم لي ملتجأ ، ولا ملاذا سوى ألبوم لصور قديمة ،  كي أهرب من صوت النازح الذي بدأ صباحه قسماً على زوجته بيمين الطلاق ،  ومن الهراء السياسي الذي يصدح من قنوات الراديو ، و العصابات التي تقودنا نحو البراري ، والمحميات الأممية !

في هذه   البلاد لم يعد يوجد وقت للحب ، ووقت للحديث عن أشياء جميلة ، أغلب الذين عرفتهم في حينا’ وفي شارعنا التهمتهم قذيفة في غمضة عين ، فذهبوا بلمح البصر ، صاحب محل البقالة ، وثلة من الأطفال ، و بعض الشيوخ الذين كانوا يباركون خبز أيامنا بدعائهم لنا ، لا يوجد وقت للحديث عن زواج ، أو حفل خطوبة ، أو حتى مقلب  يحصل لصديق تُحدث به صديقا آخر  ، ولسوء الحظ ، أصبحت ذاكرتنا مبتورة ، و أجزاء منها مقطوعة ، صارت كل ذكرياتنا غير مكتملة ، يغيب فيها شخص ، أو حبيب ، أو ابن ، أو صديق ، أو جار ، بل أنَّ المواقف اليومية لم تعد سوى فيلم بألوان الأبيض والأسود .....امتص الحزن  كل الألوان  الأخرى لحياتنا  ، فأصبح وجهه قديما ومتآكلا ..حتى كأنه خردة !
ـــــــ 
سرد مفتوح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق