الثلاثاء، 19 ديسمبر 2017

غزل






 

في القلب ، في العقل ، في أروقة الروح ، في سُرادقات حزني ، و أعشاش فرحي أنت ، تتصدر آيات الصباح البكر ، تسرى في معارج النهارات الممطرة ، حتى إذ ما بلغت ذروة البحر ، توسدت أفق المساء ، وبدأت تتلكأ بين جوانحي بنعومة حضورك ، و رقة إطلالتك ،   أجنيٌّ أنت تسربل من السماء ، وتسلل إلىَّ ؟ ، فمسَّني منك طائف عشق ، دوُّخني ، أسكرني ، دوُّرني حتى الثمالة والخبل ، وما كدتُ أفيق من نشوة رؤياك ، حتى باغثني منك بارقٌ لمع من سنا ثغرك ، و لاح منفرجا عن ابتسامةٍ ، اصطفت نواجذها لتأسرني ، مُصفَّدة بأغلال صوتك الملائكي ، وأفصحتْ عن غمازتين محفورتين عند حدود خديك ، فكشفت عن أخاديد ناء بها الحزن قرب مضارب النظر ، اختارتْ زوايا بعيدة من ملامحك لتخبر عن عزيز قومٍ ، استعصت دموعه بكِبر وصبر ، و آنفتْ عيناه بثِّ حزنها ، فتحجرتْ مآقي الدمع مخافة أنْ تنشب مُقل الفضول أظافرها فيها ، فكأنَّ كأنَّ تقاعست عن دورها حين أردتُ تفسيرك ، وكأنَّ ليت تنازلت عن تمنيات قلبي ، فأسلمتْ أطراف أمنياتي إلى لعل حتى كفَّتها (ما ) عن توقي لوصفِِ مُتممٍ لمحاسن دارتْ في رحى الروح ألغازا عنك ، و أسدلتْ ستار غموضها عن ملامسة رقيق طبعك ، وشفيف روحك ، فآيستني اللغة كلما بدوتَ وبدا لي جمالك شاخصا ، خرَّت بلاغتي ساجدة في محرابك ، مُسلِّمةً اعترافاتها بأنك الشاخص الذي يتراءى ، والظاهر الذي يتوارى . 



أنا منسية ...أنا حرة في خيالي













الأحد، 17 ديسمبر 2017

بورتريه




مازلتُ سنبلةً تسكن الفرشاة الثملة ، والعينين اللوزيتين ، أُُمُّاً لجدارية تتصدر الحائط ، تعبر لغات القرون السحيقة ، لتخبر عن رحلات رحمية مرَّت فوق جبين الحائط ، الحائط المتهالك الذي تصَّدع قلبه ، وتهدَّلت ملامحه ، و تشقق وجهه 
ساقطا في لوعة التوسلات من بكاء على أوطان لم يرأب صدع شقاقها الزمن .

سأحلم بأنْ أجفف مآقي الدراق ، وأكتبُ اسمي على صدر ورقة توت تتأهب لكتابة تاريخية ، عن أسماء تمَّ قطافها من شفاه الزيتون ، عن أرواح غادرتْ وهي تحاكي الطين ، عن وعود عالقة في عناقيد انتظارها ، عمنْ اندثر بهم التراب ، وهم يحاولون رسم الملامح لملحمة خلودنا ، عن تميمة علقتها في عنق حبيبي ، لعل الصبَّار يتوقف عن النمو في قلبي ، فتزهر حدائقي الغنَّاء.

مازلتُ خضراء الروح ، أتوهج كلما أضاء جناح العنقاء ، منذرا بالانبعاث من أمم الرماد ، أندس في فم عصفورة ،و أتسربل قبلة من عشِّ ، متى ضاق به غصن الشجرة ، ارتفع وحلَّق للسماء مانحا الفرشاة لغات الكون ، ولهجات اللون ، تراصفت منذ الأزل ، لتخطَّ تقاويم تسربلت كجداريات خِيطتْ بأنامل حريرية .

مازالت فرشاتي ترسم ، تتعثر فوق البياض ، تسقط في فخاخ الإلهام ، تنصب مصائد البورتريهات فوق الملامح العابرة ، تلك التي تتحدث لهجاتي كإنســـان .